أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ مَا مَنَعَ مِنْهُ الْعَوَرُ، مَنَعَ مِنْهُ الْعَمَى، فَكَذَلِكَ مَا مَنَعَ مِنْهُ الْعَضَبُ، يَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُهُ أَجَمَّ أَوْلَى. وَلَنَا أَنَّ هَذَا نَقْصٌ لَا يَنْقُصُ اللَّحْمَ، وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ نَهْيٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ، وَفَارَقَ الْعَضَبَ، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ وَارِدٌ، وَهُوَ عَيْبٌ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدْمَى وَآلَمَ الشَّاةَ، فَيَكُونُ كَمَرَضِهَا، وَيُقَبِّحُ مَنْظَرَهَا، بِخِلَافِ الْأَجَمِّ، فَإِنَّهُ حُسْنٌ فِي الْخِلْقَةِ لَيْسَ بِمُرْضٍ وَلَا عَيْبٍ، إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ مَا كَانَ كَامِلَ الْخِلْقَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ أَمْلَحَ.
وَقَالَ: «خَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ» . وَأَمَرَ بِاسْتِشْرَافِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ.
(7865) فَصْلٌ: وَتُكْرَهُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ، وَالْمَثْقُوبَةُ، وَمَا قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَلَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ. قَالَ زُهَيْرٌ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ، مَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَالَ يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ. قُلْت: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ يُقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ. قُلْت: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: تُشَقُّ الْأُذُنُ. قُلْت: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: تَشُقُّ أُذُنَهَا السِّمَةُ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. قَالَ الْقَاضِي: الْخَرْقَاءُ الَّتِي انْثَقَبَتْ أُذُنُهَا. وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَيَحْصُلُ الْإِجْزَاءُ بِهَا، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ وَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ إذْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ سَالِمٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
(7866) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَوْ أَوْجَبَهَا سَلِيمَةً، فَعَابَتْ عِنْدَهُ، ذَبَحَهَا، وَكَانَتْ أُضْحِيَّةً وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً صَحِيحَةً سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، ذَبَحَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ. رُوِيَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ عِنْدَهُمْ وَاجِبَةٌ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِإِرَاقَةِ دَمِهَا سَلِيمَةً، كَمَا لَوْ أَوْجَبَهَا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ عَيَّنَهَا، فَعَابَتْ.