ِ الْأَصْلُ فِي إبَاحَةِ الصَّيْدِ، الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] . وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] . وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4] .
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَرَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَخْبِرْنِي مَاذَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْت أَنَّكُمْ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا صِدْت بِقَوْسِك، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ، وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ، فَكُلْ» .
وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نُرْسِلُ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ، فَيُمْسِكُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: كُلْ. قُلْت: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: كُلْ مَا لَمْ يَشْرَكْهُ كَلْبٌ غَيْرُهُ» . قَالَ: «وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ، فَقَالَ: مَا خَرَقَ فَكُلْ، وَمَا قَتَلَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبَاحَةِ الِاصْطِيَادِ وَالْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ.
(7705) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَإِذَا سَمَّى وَأَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ فَهْدَهُ الْمُعَلَّمَ، وَاصْطَادَ، وَقَتَلَ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، جَازَ أَكْلُهُ) أَمَّا مَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ مِنْ الصَّيْدِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي إبَاحَتِهِ سِوَى صِحَّةِ التَّذْكِيَةِ؛ وَلِذَلِكَ «قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: وَمَا صِدْت بِكَلْبِك الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ، فَكُلْ» . وَأَمَّا مَا قَتَلَ الْجَارِحُ، فَيُشْتَرَطُ فِي إبَاحَتِهِ شُرُوطٌ سَبْعَةٌ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، فَإِنْ كَانَ وَثَنِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، أَوْ مَجْنُونًا، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ؛ لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ أُقِيمَ مُقَامَ الذَّكَاةِ، وَالْجَارِحُ آلَةٌ كَالسِّكِّينِ، وَعَقْرُهُ