(7576) فَصْلٌ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا كَانَ فِي الْمَطْمُورَةِ الْعَدُوُّ، فَعَلِمْت أَنَّك تَقْدِرُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ النَّارِ، فَأَحَبُّ إلَى أَنْ يَكُفَّ عَنْ النَّارِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَأَبَوْا أَنْ يَخْرُجُوا فَلَا أَرَى بَأْسًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةٌ، قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ بِهَا. وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ، وَهِشَامٌ. وَيُدَخَّنُ عَلَيْهِمْ. قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الشَّامِ أَعْلَمُ بِهَذَا
(7757) (7577) فَصْلٌ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا فِي الْحَرْبِ بِنِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، جَازَ رَمْيُهُمْ، وَيَقْصِدُ الْمُقَاتِلَةَ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَمَعَهُمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ» ، وَلِأَنَّ كَفَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ، لِأَنَّهُمْ مَتَى عَلِمُوا ذَلِكَ تَتَرَّسُوا بِهِمْ عِنْدَ خَوْفِهِمْ فَيَنْقَطِعُ الْجِهَادُ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحَرْبُ مُلْتَحِمَةً أَوْ غَيْرَ مُلْتَحِمَةٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَتَحَيَّنُ بِالرَّمْيِ حَالَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ.
(7578) فَصْلٌ: وَلَوْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ أَوْ عَلَى حِصْنِهِمْ، فَشَتَمَتْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَكَشَّفَتْ لَهُمْ، جَازَ رَمْيُهَا قَصْدًا؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ أَشْرَفَتْ امْرَأَةٌ، فَكَشَفَتْ عَنْ قُبُلِهَا، فَقَالَ: هَا دُونَكُمْ فَارْمُوهَا. فَرَمَاهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَمَا أَخْطَأَ ذَلِكَ مِنْهَا» .
وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى رَمْيِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ رَمْيِهَا. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَمْيُهَا إذَا كَانَتْ تَلْتَقِطُ لَهُمْ السِّهَامَ، أَوْ تَسْقِيهِمْ، أَوَتُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُقَاتِلِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّبِيِّ وَالشَّيْخِ وَسَائِرِ مَنْ مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ مِنْهُمْ.
(7579) فَصْلٌ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ، وَلَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ، لِكَوْنِ الْحَرْبِ غَيْرَ قَائِمَةٍ، أَوْ لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِدُونِهِ، أَوْ لِلْأَمْنِ مِنْ شَرِّهِمْ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ. فَإِنْ رَمَاهُمْ فَأَصَابَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ. وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى رَمْيِهِمْ لِلْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، جَازَ رَمْيُهُمْ؛ لِأَنَّهَا حَالُ ضَرُورَةٍ وَيَقْصِدُ الْكُفَّارَ. وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمْ إلَّا بِالرَّمْيِ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهُمْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} [الفتح: 25] الْآيَةَ.
. قَالَ اللَّيْثُ: تَرْكُ فَتْحِ حِصْنٍ يُقْدَرُ عَلَى فَتْحِهِ، أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَيْفَ يَرْمُونَ مَنْ لَا يَرَوْنَهُ، إنَّمَا يَرْمُونَ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَالشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ رَمْيُهُمْ إذَا كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ. فَعَلَى هَذَا، إنْ قَتَلَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ رِوَايَتَانِ؛