لِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ إلَى مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِلَى مَا لَا يُوجِبُهُ، بِخِلَافِ الزِّنَا، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الصَّرِيحِ وَعَلَى دَوَاعِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» فَلِهَذَا احْتَاجَ الشَّاهِدَانِ إلَى تَفْسِيرِهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُسَمَّى غَيْرُ الْمُسْكِرِ مُسْكِرًا، فَلَمْ يُفْتَقَرْ إلَى ذِكْرِ نَوْعِهِ. وَلَا يُفْتَقَرُ فِي الشَّهَادَةِ إلَى ذِكْرِ عَدَمِ الْإِكْرَاهِ، وَلَا ذِكْرِ عِلْمِهِ أَنَّهُ مُسْكِرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ، وَمَا عَدَاهُمَا نَادِرٌ بَعِيدٌ، فَلَمْ يُحْتَجْ إلَى بَيَانِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الشَّهَادَاتِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ عُثْمَانُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَلَا اعْتَبَرَهُ عُمَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَلَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَلَوْ شَهِدَا بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ، لَمْ يُفْتَقَرْ إلَى ذِكْرِ الِاخْتِيَارِ، كَذَا هَاهُنَا.
(7348) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ مَاتَ فِي جَلْدِهِ، فَالْحَقُّ قَتَلَهُ. يَعْنِي: لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانُهُ) وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَمَاتَ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْزِيرٌ، إنَّمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِرَأْيِهِ، وَفِي قَدْرِ الضَّمَانِ قَوْلَانِ؛