وَبَنُو حَنِيفَةَ قَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَلَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَكَلَامُهُ فِي الْمَالِ، عَلَى وُجُوبِ رَدِّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ دُونَ مَا أَتْلَفُوهُ، وَعَلَى مَنْ أَتْلَفَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنَعَةٌ، أَوْ أَتْلَفَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ، وَمَا أَتْلَفُوهُ حَالَ الْحَرْبِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَنْفِيرِهِمْ عَنْ الرُّجُوعِ إلَى الطَّاعَةِ، فَلَأَنْ يَسْقُطَ ذَلِكَ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى التَّنْفِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْلَى، لِأَنَّهُمْ إذَا امْتَنَعُوا صَارُوا كُفَّارًا مُمْتَنِعِينَ بِدَارِهِمْ، فَأَشْبَهُوا أَهْلَ الْحَرْبِ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَالِ، فَيَكُونُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا سَوَاءً. وَهَذَا أَعْدَلُ وَأَصَحُّ. إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَمَّا مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ، كَالْوَاحِدِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنَعَةَ لَهُ، وَلَا يَكْثُرُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَبَقِيَ الْمَالُ وَالنَّفْسُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عَلَى عِصْمَتِهِ، وَوُجُوبِ ضَمَانِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.