[مَسْأَلَةٌ دِيَةُ الْجَنِينِ إذَا سَقَطَ مِنْ الضَّرْبَةِ مَيِّتًا] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ]
(6841) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْجَنِينِ إذَا سَقَطَ مِنْ الضَّرْبَةِ مَيِّتًا، وَكَانَ مِنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ، غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ، كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا) يُقَالُ: غُرَّةُ عَبْدٍ بِالصِّفَةِ. وَغُرَّةُ عَبْدٍ بِالْإِضَافَةِ. وَالصِّفَةُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ اسْمٌ لِلْعَبْدِ نَفْسِهِ، قَالَ مُهَلْهَلٌ:
كُلُّ قَتِيلٍ فِي كُلَيْبٍ غُرَّهْ ... حَتَّى يَنَالَ الْقَتْلُ آلَ مُرَّهْ
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ خَمْسَةٌ: (6842) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ غُرَّةً. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي إمْلَاصِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِيهِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. قَالَ: لِتَأْتِينَ بِمِنْ يَشْهَدُ مَعَك. فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْغُرَّةُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ؛ سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَصْلُ فِي الْغُرَّةِ الْخِيَارُ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ: أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ. قُلْنَا: هَذَا لَا يَثْبُتُ، رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَوَهَمَ فِيهِ. قَالَهُ أَهْلُ النَّقْلِ. وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ إنَّمَا فِيهِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.
فَأَمَّا قَوْلُ الْخِرَقِيِّ: مِنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ. فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ جَنِينَ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا يَكُونُ إلَّا حُرًّا مُسْلِمًا، فَمَتَى كَانَ الْجَنِينُ حُرًّا مُسْلِمًا، فَفِيهِ الْغُرَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً، مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيَّةً، فَإِنَّ جَنِينَهَا