نِكَاحِهِ، أَوْ وَاجِبٍ أَذِنَ فِي سَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّذْرُ فِي نِكَاحِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِاخْتِيَارِهَا بِالنَّذْرِ الَّذِي لَمْ يُوجِبْهُ الشَّرْعُ عَلَيْهَا، وَلَا نَدَبَهَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ صَوْمَ كَفَّارَةٍ، فَصَامَتْ بِإِذْنِهِ، فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ الْوَاجِبَ بِإِذْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَامَتْ الْمُعَيَّنَ فِي وَقْتِهِ، وَإِنْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا يُمْكِنُهَا تَأْخِيرُهُ، فَإِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَحَقُّ الزَّوْجَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ كَانَ قَضَاءَ رَمَضَانَ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُضَيَّقًا، مِثْلَ أَنْ قَرُبَ رَمَضَانُ الْآخَرُ، فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُضَيَّقٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، أَشْبَهَ أَدَاءَ رَمَضَانَ.
(6526) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَلَا نَفَقَةَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا) وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا، أَوْ بِخُلْعِ، أَوْ بَانَتْ بِفَسْخٍ، وَكَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَفِي بَعْضِ أَخْبَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «لَا نَفَقَةَ لَك إلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا» وَلِأَنَّ الْحَمْلَ وَلَدُهُ، فَيَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ، إلَّا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَوَجَبَ، كَمَا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا
وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ:؛ إحْدَاهُمَا: لَهَا ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَفُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِلْآيَةِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا سُكْنَى لَهَا، وَلَا نَفَقَةَ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَدَاوُد وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْعِرَاقِيِّينَ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَبِهِ قَالَ ابْنِ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالْبَتِّيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ، فَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، كَالرَّجْعِيَّةِ
وَرَدُّوا خَبَرَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، لِقَوْلِ امْرَأَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ عَائِشَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَتَأَوَّلُوهُ وَلَنَا، مَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، «أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَتَسَخَّطَتْهُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَك عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظٍ: «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُنْظُرِي يَا ابْنَةَ قَيْسٍ إنَّمَا النَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ،