وَلَوْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ سَيِّدُهُ، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِوِلَادَتِهِ، أَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَوَلَدُهُ مِنْهَا أَحْرَارٌ، وَعَلَى أَبِيهِمْ نَفَقَتُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا، إذَا كَانَ حُرًّا، وَتَحَقَّقَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْإِنْفَاقِ.
فَصْلٌ: وَإِذَا طَلَّقَ الْأَمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ. وَإِنْ أَبَانَهَا وَهِيَ حَائِلٌ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً، لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ فَالْأَمَةُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] . نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي نَفَقَةِ الْحَامِلِ رِوَايَتَانِ، هَلْ هِيَ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِهِ؟ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، هِيَ لِلْحَمْلِ. فَعَلَى هَذَا لَا تَجِبُ لِلْمَمْلُوكَةِ الْحَامِلِ الْبَائِنِ نَفَقَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا، فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذَا قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ.
(6512) فَصْلٌ: وَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ طَلَاقًا بَائِنًا، انْبَنَى عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي النَّفَقَةِ، هَلْ هِيَ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْحَامِلِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ لِلْحَمْلِ. فَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْعَبْدِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِهِ. وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] . وَلِأَنَّهَا حَامِلٌ، فَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ، كَمَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا.
(6513) فَصْلٌ: وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَبَاقِيهَا عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ فِي ضَرِيبَتِهِ، أَوْ فِي رَقَبَتِهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْعَبْدِ. وَالْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْحُرِّيَّةِ، يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُهُ؛ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَنَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ، وَالْبَاقِي تَجِبُ فِيهِ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِمَّا يَتَبَعَّضُ، وَمَا يَتَبَعَّضُ بَعَّضْنَاهُ فِي حَقِّ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْمِيرَاثِ وَالدِّيَاتِ، وَمَا لَا يَتَبَعَّضُ، فَهُوَ فِيهِ كَالْعَبْدِ، وَلِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ إمَّا شَرْطٌ فِيهِ، أَوْ سَبَبٌ لَهُ، فَلَمْ يَكْمُلْ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْقِنِّ فِي الْجَمِيعِ، إلْحَاقًا لِأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ بِالْآخَرِ.