لِمَوْرُوثِهِ، فَبَانَ مَوْرُوثُهُ مَيِّتًا وَالْعَيْنُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِالْإِرْثِ، هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. كَذَا هَاهُنَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ هَذَا.
وَلَنَا أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فِي مُدَّةٍ مَنَعَهَا الشَّرْعُ مِنْ النِّكَاحِ فِيهَا، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ الْمُرْتَابَةُ قَبْلَ زَوَالِ رِيبَتِهَا.
(6358) فَصْلٌ: وَيُقَسَّمُ مَالُ الْمَفْقُودِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُؤْمَرُ زَوْجَتُهُ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ فِيهِ. وَبِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يُقَسَّمُ مَالُهُ حَتَّى تُعْلَمَ وَفَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ، فَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَإِنَّمَا صِرْنَا إلَى إبَاحَةِ التَّزْوِيجِ لِامْرَأَتِهِ، لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ،، وَلِأَنَّ بِالْمَرْأَةِ حَاجَةً إلَى النِّكَاحِ، وَضَرَرًا فِي الِانْتِظَارِ، فَاخْتَصَّ ذَلِكَ بِهَا.
وَلَنَا أَنَّ مَنْ اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ لِلْوَفَاةِ قُسِّمَ مَالُهُ، كَمَنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِمَوْتِهِ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وَتَأْخِيرُ الْقِسْمَةِ ضَرَرٌ بِالْوَرَثَةِ، وَتَعْطِيلٌ لِمَنَافِعِ الْمَالِ، وَرُبَّمَا تَلِفَ أَوْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الضَّرَرِ بِتَأْخِيرِ التَّزْوِيجِ.
(6359) فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ الزَّوْجُ الْمَفْقُودُ فِي زَوْجَتِهِ، بِطَلَاقٍ، أَوْ ظِهَارٍ، أَوْ إيلَاءٍ، أَوْ قَذْفٍ، صَحَّ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ بَاقٍ، وَلِهَذَا خُيِّرَ فِي أَخْذِهَا، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِإِبَاحَةِ تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ، فَلَا يَبْطُلُ فِي الْبَاطِنِ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِمَوْتِهِ بَيِّنَةٌ كَاذِبَةٌ.
(6360) فَصْلٌ: وَإِذَا فَقَدَتْ الْأَمَةُ زَوْجَهَا، تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَتَرَبَّصُ نِصْفَ تَرَبُّصِ الْحُرَّةِ. وَرَوَاهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ مَضْرُوبَةٌ لِلْمَرْأَةِ لِعَدَمِ زَوْجِهَا، فَكَانَتْ الْأَمَةُ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ، كَالْعِدَّةِ. وَلَنَا أَنَّ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مَضْرُوبَةٌ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَمُدَّةُ الْحَمْلِ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ سَوَاءٌ، فَاسْتَوَيَا فِي التَّرَبُّصِ لَهَا، كَالتِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ فِي حَقِّ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، وَكَالْحَمْلِ نَفْسِهِ، وَبِهَذَا يَنْتَقِضُ قِيَاسُهُمْ.
فَأَمَّا الْعَبْدُ، فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً، فَتَرَبُّصُهَا كَتَرَبُّصِ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَهِيَ كَالْأَمَةِ تَحْتَ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ. وَحُكِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ نِصْفُ أَجَلِ الْحُرِّ. وَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَبُّصٌ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِفُرْقَةِ زَوْجِهَا، فَأَشْبَهَ الْعِدَّةَ.