(6322) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِنْ عَرَفَتْ مَا رَفَعَ الْحَيْضَ، كَانَتْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيْضُ، فَتَعْتَدُّ بِهِ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ مِنْ الْآيِسَاتِ، فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتٍ تَصِيرُ فِي عِدَادِ الْآيِسَاتِ أَمَّا إذَا عَرَفَتْ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِعَارِضٍ؛ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ رَضَاعٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ، وَعَوْدَ الدَّمِ وَإِنْ طَالَ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ. وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ، فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَكَانَتْ لَهَا مِنْهُ بُنَيَّةً تُرْضِعُهَا، فَتَبَاعَدَ حَيْضُهَا، وَمَرِضَ حِبَّانُ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّك إنْ مِتَّ وَرِثَتْك. فَمَضَى إلَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ وَزَيْدٍ مَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَا: نَرَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا، وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، وَلَا مِنْ الْأَبْكَارِ اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ. فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ، فَانْتَزَعَ الْبِنْتَ مِنْهَا، فَعَادَ إلَيْهَا الْحَيْضُ، فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ، وَمَاتَ حِبَّانُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّالِثَةِ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَ جَدِّهِ امْرَأَتَانِ؛ هَاشِمِيَّةٌ، وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ مُرْضِعٌ، فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ: لَمْ أَحِضْ. فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ، فَلَامَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا. يَعْنِي عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(6323) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِنْ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ، فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، فَارْتَفَعَ حَيْضُهَا، لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ: تَجْلِسُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَبِنْ بِهَا حَمْلٌ، تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَذَلِكَ سَنَةٌ. وَلَا نَعْرِفُ لَهُ مُخَالِفًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَضَى بِهِ عُمَرُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مُنْكِرٌ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَتَحِيضُ حَيْضَةً، ثُمَّ يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا. قَالَ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ إذَا رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا فَلَمْ تَدْرِ مِمَّا ارْتَفَعَتْ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ سَنَةً. قِيلَ لَهُ: فَحَاضَتْ دُونَ السَّنَةِ. فَقَالَ: تَرْجِعُ إلَى الْحَيْضَةِ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتهَا أَيْضًا لَا تَدْرِي مِمَّا ارْتَفَعَتْ؟ قَالَ: تَقْعُدُ سَنَةً أُخْرَى. وَهَذَا قَوْلُ كُلِّ مَنْ وَافَقَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمَّا ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا، حَصَلَتْ مُرْتَابَةً، فَوَجَبَ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى الِاعْتِدَادِ بِسَنَةٍ، كَمَا لَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا حِينَ طَلَّقَهَا،، وَوَجَبَ عَلَيْهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ