فَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي الْعِدَّةِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ، أَنَّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ يَمْنَعُ كَمَالَ الصَّدَاقِ مَعَ الْخَلْوَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَانِعُ مُتَأَكِّدًا، كَالْإِحْرَامِ وَشِبْهِهِ، مَنَعَ كَمَالَ الصَّدَاقِ، وَلَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ إنَّمَا أُقِيمَتْ مُقَامَ الْمَسِيسِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لَهُ، وَمَعَ الْمَانِعِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمَظِنَّةُ. فَأَمَّا إنْ خَلَا بِهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، أَوْ كَانَ أَعْمَى فَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكْمُلُ صَدَاقُهَا؛ لِأَنَّ الْمَظِنَّةَ لَا تَتَحَقَّقُ مَعَ ظُهُورِ اسْتِحَالَةِ الْمَسِيسِ.
(6306) الْفَصْلُ الثَّانِي: إنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ، إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ. بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] . وَالْقُرْءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَقَعُ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ جَمِيعًا، فَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ: الْقُرُوءُ الْأَوْقَاتُ، الْوَاحِدُ قُرْءٌ، وَقَدْ يَكُونُ حَيْضًا وَقَدْ يَكُونُ طُهْرًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَأْتِي لِوَقْتٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَرِهْت الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي تَمِيمٍ ... إذَا هَبَّتْ لِقَارِيهَا الرِّيَاحُ
يَعْنِي: لِوَقْتِهَا. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ يُقَالُ: أَقْرَأَتْ الْمَرْأَةُ: إذَا دَنَا حَيْضُهَا وَأَقْرَأَتْ: إذَا دَنَا طُهْرُهَا، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك. فَهَذَا الْحَيْضُ.» وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مُوَرِّثَةً عِزًّا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةً ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا
فَهَذَا الطُّهْرُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] .