وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ بِالْإِطْعَامِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ؛ مِنْهُمْ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ إلَى إبَاحَةِ الْجِمَاعِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ. وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَمْنَعْ الْمَسِيسَ قَبْلَهُ، كَمَا فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ.
وَلَنَا مَا رَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي تَظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي، فَوَقَعْت عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ. فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ. قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَلِأَنَّهُ مُظَاهِرٌ لَمْ يُكَفِّرْ، فَحَرُمَ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ الْعِتْقَ أَوْ الصِّيَامَ، وَتَرْكُ النَّصِّ عَلَيْهَا لَا يَمْنَعُ قِيَاسَهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ الَّذِي فِي مَعْنَاهَا. (6179) فَصْلٌ: فَأَمَّا التَّلَذُّذَ بِمَا دُونَ الْجِمَاعِ، مِنْ الْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ، وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ مِنْ الْقَوْلِ حَرَّمَ دَوَاعِيَهُ، كَالطَّلَاقِ وَالْإِحْرَامِ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يَحْرُمُ. قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ بِتَحْرِيمِهِ مَالٌ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ التَّحْرِيمُ، كَوَطْءِ الْحَائِضِ.
(6180) فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَا أُمِّ وَلَدِهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، فِي الظِّهَارِ مِنْ الْأَمَةِ كَفَّارَةٌ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَهُ، فَصَحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا كَالزَّوْجَةِ. وَعَنْ الْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، إنْ كَانَ يَطَؤُهَا فَهُوَ ظِهَارٌ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَأْهَا فَهُوَ كَتَحْرِيمِ مَالِهِ.