(6161) فَصْلٌ: وَمَنْ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ، كَالطِّفْلِ، وَالزَّائِلِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ، أَوْ نَوْمٍ، أَوْ غَيْرِهِ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ ظِهَارُهُ. وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ طَلَاقِهِ. وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ.
(6162) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ الظِّهَار مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً، مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً، مُمْكِنًا وَطْؤُهَا أَوْ غَيْرَ مُمْكِنٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، وَالظِّهَارُ لِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا. وَلَنَا عُمُومُ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا، فَصَحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا، كَغَيْرِهَا.
(6163) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَظَهْرِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. أَوْ حَرَّمَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا، فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَأْتِيَ بِالْكَفَّارَةِ) (6164) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا أَنَّهُ مَتَى شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَتَى شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ أُخْتِي، أَوْ غَيْرِهِمَا. فَهُوَ مُظَاهِرٌ. وَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَهَذَا ظِهَارٌ إجْمَاعًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ تَصْرِيحَ الظِّهَارِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّيِّ. وَفِي حَدِيثِ خُوَيْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي، أَنْ يُشَبِّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، كَجَدَّتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَأُخْتِهِ. فَهَذَا ظِهَارٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ جَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: لَا يَكُونُ الظِّهَارُ إلَّا بِأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ؛ لِأَنَّهَا أُمٌّ أَيْضًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ مُخْتَصٌّ بِالْأُمِّ، فَإِذَا عَدَلَ عَنْهُ، لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ.
وَلَنَا أَنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ بِالْقَرَابَةِ، فَأَشْبَهْنَ الْأُمَّ فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ قَالَ فِيهَا: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] .