(6074) فَصْلٌ: وَلَوْ وَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ امْرَأَةً، فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً، أَوْ ظَنَّهَا جَارِيَتَهُ فَوَطِئَهَا، فَإِذَا هِيَ امْرَأَتُهُ، أَحَلَّهَا، لِأَنَّهُ صَادَفَ نِكَاحًا صَحِيحًا. وَلَوْ وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا، أَوْ وَطِئَهَا - وَهِيَ مَرِيضَةٌ - تَتَضَرَّرُ بِوَطْئِهِ، أَحَلَّهَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هَاهُنَا لِحَقِّهَا. وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَذُوقُ عُسَيْلَتَهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَحِلَّ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(6075) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ زَوْجَتَهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ الْحُرَّةَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَا أَمْرٍ يَقْتَضِي بَيْنُونَتَهَا، فَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَإِنْ طَلَّقَ الْحُرُّ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ، فَهُوَ كَطَلَاقِ الْحُرَّةِ، إلَّا أَنَّ فِيهِ خِلَافًا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى، وَذَكَرْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ، فَيَكُونُ لَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا ثَلَاثًا كَالْحُرَّةِ.
(6076) فَصْلٌ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّجْعَةِ رِضَى الْمَرْأَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] . فَجَعَلَ الْحَقَّ لَهُمْ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] . فَخَاطَبَ الْأَزْوَاجَ بِالْأَمْرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُنَّ اخْتِيَارًا. وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ لِلْمَرْأَةِ بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا فِي ذَلِكَ، كَاَلَّتِي فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا.
(6077) فَصْلٌ: وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ، وَلِعَانُهُ، وَيَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ خَالَعَهَا صَحَّ خُلْعُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّحْرِيمِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ. وَلَنَا، أَنَّهَا زَوْجَةٌ صَحَّ طَلَاقُهَا، فَصَحَّ خُلْعُهَا، كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْخُلْعِ التَّحْرِيمَ، بَلْ الْخَلَاصَ مِنْ مَضَرَّةِ الزَّوْجِ وَنِكَاحِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهَا، وَالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَلَا نَأْمَنُ رَجْعَتَهُ، وَعَلَى أَنَّنَا نَمْنَعُ كَوْنَهَا مُحَرَّمَةً (6078) فَصْلٌ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَرَّمَةٌ؛ لِقَوْلِهِ: " وَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةً طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا؟ فَهُوَ مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ،