الْمُسَيِّبِ، وَشُرَيْحٍ، وَطَاوُسٍ، وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، وَالثَّوْرِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُخْتَلِعَةُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ» وَلَنَا، أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمَا مُخَالِفًا فِي عَصْرِهِمَا.

وَلِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقُهُ، كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ الْمُنْقَضِيَةِ عِدَّتُهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا، فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقُهُ، كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلِأَنَّهَا لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ الْمُرْسَلُ، وَلَا تَطْلُقُ بِالْكِنَايَةِ، فَلَا يَلْحَقُهَا الصَّرِيحُ الْمُعَيَّنُ، كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَاجِهَهَا بِهِ، فَيَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ لَا يُوَاجِهَهَا بِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ. وَحَدِيثُهُمْ لَا نَعْرِفُ لَهُ أَصْلًا، وَلَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ.

[فَصْلٌ لَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْع رَجْعَةٌ]

(5759) فَصْلٌ: وَلَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ رَجْعَةٌ، سَوَاءٌ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَحُكِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمَا قَالَا: الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إمْسَاكِ الْعِوَضِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إنْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةُ؛ مِنْ حُقُوقِ الطَّلَاقِ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْعِوَضِ، كَالْوَلَاءِ مَعَ الْعِتْقِ.

وَلَنَا، قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] . وَإِنَّمَا يَكُونُ فِدَاءً إذَا خَرَجَتْ بِهِ عَنْ قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ، فَهِيَ تَحْتَ حُكْمِهِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ إزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ، فَلَوْ جَازَ ارْتِجَاعُهَا، لَعَادَ الضَّرَرُ، وَفَارَقَ الْوَلَاءَ؛ فَإِنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ، وَالطَّلَاقُ يَنْفَكُّ عَنْ الرَّجْعَةِ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِذَا أَكْمَلَ الْعَدَدَ.

[فَصْلٌ شَرَطَ فِي الْخُلْعِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ]

(5760) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ فِي الْخُلْعِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ، فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ يَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِكَوْنِ عِوَضِهِ فَاسِدًا، فَلَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، كَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ. فَإِذَا شَرَطَ الرَّجْعَةَ مَعَهُ، بَطَلَ الشَّرْطُ، كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ الْخُلْعُ وَتَثْبُتَ الرَّجْعَةُ. وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِوَضِ وَالرَّجْعَةِ مُتَنَافِيَانِ، فَإِذَا شَرَطَاهُمَا سَقَطَا، وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِالْأَصْلِ لَا بِالشَّرْطِ، وَلِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، فَأَبْطَلَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ.

وَإِذَا حَكَمْنَا بِالصِّحَّةِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَسْقُطُ الْمُسَمَّى فِي الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ عِوَضًا حَتَّى ضَمَّ إلَيْهِ الشَّرْطَ، فَإِذَا سَقَطَ الشَّرْطُ، وَجَبَ ضَمُّ النُّقْصَانِ الَّذِي نَقَصَهُ مِنْ أَجَلِهِ إلَيْهِ، فَيَصِيرُ مَجْهُولًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015