مَوْجُودٌ فِي يَدِهَا بِصِفَتِهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا زَالَ عَنْهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَتْهُ، وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ، ثُمَّ عَلِمَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، حَقُّ الشَّفِيعِ مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ، لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ، وَحَقُّ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي، حَقُّ الزَّوْجِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَالشُّفْعَةُ هَاهُنَا لَا نَصَّ فِيهَا وَلَا إجْمَاعَ. فَأَمَّا إنْ عَفَا الشَّفِيعُ، ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجُ، فَرَجَعَ فِي نِصْفِ الشِّقْصِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ إنْ جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، فَرَجَعَ الشِّقْصُ كُلُّهُ إلَى الزَّوْجِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى الْمَالِكِ لِزَوَالِ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ بِهِ الشَّفِيعُ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ فَسْخٍ يَرْجِعُ بِهِ الشِّقْصُ إلَى الْعَاقِدِ، كَرَدِّهِ بِعَيْبٍ، أَوْ مُقَايَلَةٍ، أَوْ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ رَدِّهِ لِغَبْنٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْإِقَالَةِ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهَا بَيْعٌ، فَتَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ حَتَّى تَقَايَلَا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَإِنْ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ تَقَايَلَا، فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا.

[فَصْلٌ جَنَى جِنَايَتَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا عَلَى شِقْصٍ]

(4016) فَصْلٌ: وَإِذَا جَنَى جِنَايَتَيْنِ، عَمْدًا وَخَطَأً، فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا عَلَى شِقْصٍ، فَالشُّفْعَةُ فِي نِصْفِ الشِّقْصِ دُونَ بَاقِيهِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ.

وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي نَقُولُ فِيهَا: إنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ عَيْنًا. وَإِنْ قُلْنَا: مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا شُفْعَةَ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ بِهَا تَبْعِيضَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي.

وَلَنَا، أَنَّ مَا قَابَلَ الْخَطَأَ عِوَضٌ عَنْ مَالٍ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ، وَلِأَنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ، فَوَجَبَتْ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا. وَبِهَذَا الْأَصْلِ يَبْطُلُ مَا ذَكَرَهُ.

وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَقَيْسُ؛ لِأَنَّ فِي الشُّفْعَةِ تَبْعِيضَ الشِّقْصِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَرُبَّمَا لَا يَبْقَى مِنْهُ إلَّا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ أَخْذَ بَعْضِهِ مَعَ عَفْوِ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشِّقْصِ وَالسَّيْفِ. وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. فَبِاخْتِيَارِهِ الصُّلْحَ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَتَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ، فَكَانَ الْجَمِيعُ عِوَضًا عَنْ الْمَالِ.

[فَصْلٌ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ]

(4017) فَصْلٌ: وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، أَيُّهُمَا كَانَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَتَخَرَّجُ أَنْ تَثْبُتَ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ، فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، كَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَهُمَا، لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَنْقَضِيَ؛ لِأَنَّ فِي الْأَخْذِ بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015