(4009) فَصْلٌ: وَإِنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبَ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ حَصَلَتْ تَحْتَ يَدِهِ، فَلَزِمَهُ حِفْظُهُ، كَاللُّقَطَةِ. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ، فَهُوَ لُقَطَةٌ تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهَا وَإِنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ، لَزِمَهُ إعْلَامُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ، فَصَارَ كَالْغَاصِبِ.
وَإِنْ سَقَطَ طَائِرٌ فِي دَارِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُهُ، وَلَا إعْلَامُ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ. وَإِنْ دَخَلَ بُرْجَهُ، فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ نَاوِيًا إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ كَالْغَاصِبِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي بُرْجِهِ كَيْفَ شَاءَ، فَلَا يَضْمَنُ مَالَ غَيْرِهِ بِتَلَفِهِ ضِمْنًا، لِتَصَرُّفِهِ الَّذِي لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ.
(4010) فَصْلٌ: إذَا أَكَلَتْ بَهِيمَةٌ حَشِيشَ قَوْمٍ، وَيَدُ صَاحِبِهَا عَلَيْهَا، لِكَوْنِهِ مَعَهَا، ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا، لَمْ يَضْمَنْ مَا أَكَلَتْهُ. وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ بَهِيمَتَهُ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا وَهِيَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، فَضَمَانُهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، سَوَاءٌ أَتْلَفَتْ شَيْئًا لِمَالِكِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ يَجِبُ بِالْيَدِ، وَالْيَدُ لِلْمُسْتَعِيرِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْبَهِيمَةُ فِي يَدِ الرَّاعِي، فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا، فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي دُونَ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ إتْلَافَهَا لِلزَّرْعِ فِي النَّهَارِ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا، وَالْيَدُ لِلرَّاعِي دُونَ الْمَالِكِ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، كَالْمُسْتَعِيرِ. وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لِلْمَالِكِ، فَإِنْ كَانَ لَيْلًا ضَمِنَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْيَدِ أَقْوَى، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَمِيعًا.
(4011) فَصْلٌ: إذَا شَهِدَ بِالْغَصْبِ شَاهِدَانِ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَمْ تَتِمَّ الْبَيِّنَةُ، وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا.
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثَبَتَتْ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَإِنْ اخْتَلَفَ رَجَعَ إلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَمْ تَثْبُتْ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا. وَإِنْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ، وَحَلَفَ مَعَهُ، ثَبَتَ الْغَصْبُ، فَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْهُ لَمْ نُوقِعْ طَلَاقَهُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ بَيِّنَةٌ فِي الْمَالِ، لَا فِي الطَّلَاقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.