لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ. وَلَوْ شَهِدَ الْعَدْلُ بِالْقَبْضِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ.
(3394) فَصْلٌ: إذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ، فَقَالَ: رَهَنْتنِي عَبْدَك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ: بَلْ قَدْ غَصَبْته، أَوْ اسْتَعَرْته. فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِالدَّيْنِ أَوْ جَحَدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّهْنِ. وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ: بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ قَالَ: بَلْ رَهَنْته عِنْدِي بِهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْعَقْدِ الَّذِي يُنْكِرُهُ، وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتَكَهُ بِأَلْفٍ أَقْرَضْتنِيهِ. قَالَ: بَلْ بِعْتنِيهِ بِأَلْفٍ قَبَضْته مِنِّي ثَمَنًا. فَكَذَلِكَ، وَيَرُدُّ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْأَلْفَ، وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ.
(3395) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ، فَقَالَ: رَهَنْتُمَانِي عَبْدَكُمَا بِدَيْنِي عَلَيْكُمَا. فَأَنْكَرَاهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا، فَإِنْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَصِيرَ جَمِيعُهُ رَهْنًا، أَوْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيَصِيرَ نَصِيبُ الْآخَرِ رَهْنًا، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا، ثَبَتَ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ. وَإِنْ شَهِدَ الْمُقِرُّ عَلَى الْمُنْكِرِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْلُبُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا. وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَنْكَرَا جَمِيعًا فِي شَهَادَتِهِمَا نَظَرَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ يَدَّعِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظَالِمٌ لَهُ بِجُحُودِهِ حَقَّهُ مِنْ الرَّهْنِ، فَإِذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي شُهُودِهِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لَهُ. قُلْنَا: لَا يَصِحُّ هَذَا؛ فَإِنَّ إنْكَارَ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ بِهِ فِسْقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَنْسَى، أَوْ تَلْحَقهُ شُبْهَةٌ فِيمَا يَدَّعِيه أَوْ يُنْكِرهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَدَاعَى رَجُلَانِ شَيْئًا، وَتَخَاصَمَا فِيهِ، ثُمَّ شَهِدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَيْءٍ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي مُخَالَفَتِهِ لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْفِسْقُ بِذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا جَمِيعًا، مَعَ تَحَقُّقِ الْجَرْحِ فِي أَحَدِهِمَا.
فَصْلٌ: وَإِذَا رَهَنَ عَيْنًا عِنْدَ رَجُلَيْنِ، فَنِصْفُهَا رَهْنٌ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَيْنِهِ، وَمَتَى وَفَّى أَحَدُهُمَا، خَرَجَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ، فَكَأَنَّهُ رَهَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ مُفْرَدًا، فَإِنْ أَرَادَ مُقَاسَمَةَ الْمُرْتَهِنِ، وَأَخْذَ نَصِيبِ مَنْ وَفَّاهُ، وَكَانَ الرَّهْنُ مِمَّا لَا تَنْقُصُهُ الْقِسْمَةُ، كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، لَزِمَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَنْقُصُهُ الْقِسْمَةُ، لَمْ تَجِبْ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَرَرًا فِي قِسْمَتِهِ، وَيُقَرُّ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، نِصْفُهُ رَهْنٌ، وَنِصْفُهُ وَدِيعَةٌ، وَإِنْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا عِنْدَ رَجُلٍ، فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا، انْفَكَّ الرَّهْنُ فِي نَصِيبِهِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، فِي رَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لَهُمَا عِنْدَ رَجُلٍ، عَلَى أَلْفٍ، فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يَقْضِ الْآخَرُ: فَالدَّارُ رَهْنٌ عَلَى مَا بَقِيَ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ رَهَنَ عَبْدَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ، فَوَفَّى أَحَدُهُمَا، فَجَمِيعُهُ رَهْنٌ عِنْدَ الْآخَرِ، حَتَّى يُوَفِّيَهُ، وَهَذَا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَبِي الْخَطَّابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ مُقَاسَمَةُ الْمُرْتَهِنِ، لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْعَيْنَ كُلَّهَا تَكُونُ رَهْنًا، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ رَهَنَ نِصْفَ الْعَبْدِ عِنْدَ رَجُلٍ، فَصَارَ جَمِيعُهُ رَهْنًا. وَلَوْ رَهَنَ