كُلُّ وَاحِدٍ إلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، مِمَّا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِيَصِلَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، فَمَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ.
(3165) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْفَهْدُ وَالصَّقْرُ وَنَحْوُهُمَا، مِمَّا لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ؛ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ، جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ مَآلَهُ إلَى الِانْتِفَاعِ، فَأَشْبَهَ الْجَحْشَ الصَّغِيرَ. (3166) فَصْلٌ: فَأَمَّا مَا يُصَادُ عَلَيْهِ، كَالْبُومَةِ الَّتِي يَجْعَلُهَا شِبَاكًا، لِتَجْمَعَ الطَّيْرَ إلَيْهَا، فَيَصِيدُهُ الصَّيَّادُ، فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهَا، لِلنَّفْعِ الْحَاصِلِ مِنْهَا، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ. وَكَذَلِكَ اللَّقْلَقُ وَنَحْوُهُ.
(3167) فَصْلٌ: فَأَمَّا بَيْضُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، طَاهِرًا كَانَ أَوْ نَجِسًا. وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ، بِأَنْ يَصِيرَ فَرْخًا، وَكَانَ طَاهِرًا، جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ؛ أَشْبَهَ أَصْلَهُ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا، كَبِيضِ الْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَنَحْوِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ فَرْخِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ. وَهَذَا مُلْغَى بِفَرْخِهِ، وَبِالْجَحْشِ الصَّغِيرِ.
(3168) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ بَيْعَ الْقِرْدِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِهِ لِلْإِطَافَةِ بِهِ، وَاللَّعِبِ، فَأَمَّا بَيْعُهُ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ، كَحِفْظِ الْمَتَاعِ وَالدُّكَّانِ وَنَحْوِهِ، فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَالصَّقْرِ وَالْبَازِي. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِ مُطْلَقًا.
(3169) فَصْلٌ: وَفِي بَيْعِ الْعَلَقِ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا، مِثْلُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى وَجْهِ صَاحِبِ الْكَلَفِ، فَتَمُصُّ الدَّمَ، وَالدِّيدَانَ الَّتِي تُتْرَكُ فِي الشِّصِّ، فَيُصَادُ بِهَا السَّمَكُ، وَجْهَانِ؛ أَصَحُّهُمَا جَوَازُ بَيْعِهَا؛ لِحُصُولِ نَفْعِهَا، فَهِيَ كَالسَّمَكِ وَالثَّانِي، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، إلَّا نَادِرًا، فَأَشْبَهَتْ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ.
(3170) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيْعُ دُودِ الْقَزِّ، وَبِزْرِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: إنْ كَانَ مَعَ دُودِ الْقَزِّ قَزٌّ، جَازَ بَيْعُهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ كَالْحَشَرَاتِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ بِزْرِهِ. وَلَنَا أَنَّ الدُّودَ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ؛ لِتَمَلُّكِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، أَشْبَهَ الْبَهَائِمَ، وَلِأَنَّ الدُّودَ وَبِزْرُهُ