شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: آخِرُ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْلَةُ النَّحْرِ، وَلَيْسَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] . وَلَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ بَعْدَ لَيْلَةِ النَّحْرِ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ لَيْسَ مِنْ أَشْهُرِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فِيهِ رُكْنُ الْحَجِّ، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَفِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ، مِنْهَا: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالنَّحْرُ، وَالْحَلْقُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ، وَالرُّجُوعُ إلَى مِنًى، وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِنْ أَشْهُرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِإِحْرَامِهِ، وَلَا لِأَرْكَانِهِ، فَهُوَ كَالْمُحَرَّمِ، وَلَا يَمْتَنِعُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَنْ شَيْئَيْنِ، وَبَعْضِ الثَّالِثِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: عِشْرُونَ جَمْعُ عَشْرٍ، وَإِنَّمَا هِيَ عُشْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] .
وَالْقُرْءُ الطُّهْرُ عِنْدَهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ احْتَسَبَتْ بِبَقِيَّتِهِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: ثَلَاثٌ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ. وَقَوْلِهِ: {فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] . أَيْ فِي أَكْثَرِهِنَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.