والصديقين: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، و"الصَّبرُ مِن الإيمانِ بمَنْزِلةِ الرَّأس مِن الجَسَدِ" كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (?)، ولا شك فيه.
رُوِّينا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مرفوعًا: "الصبرُ ثلاثة: فصبر على المُصيبةِ، وصَبر على الطَّاعةِ، وصبر عن المَعصِيةِ؛ فَمَنْ صَبَرَ على المُصِيبة حتى يَرُدَّها بحُسْن عزائها؛ كلتَبَ الله له ثلاثمائة درجةٍ، ما بين الدَّرجةِ إلى الدَّرَجةِ ما بين السَّماءِ إلى الأرض، ومَن صبرَ على الطَّاعةِ؛ كتَبَ الله له ستمائة درجةٍ، مَا بينَ الدَّرجةِ إلى الدَّرجةِ ما بين تُخوم الأرضِ السابعة إلى مُنْتَهى العرش، ومَنْ صَبَرَ عن المعصِيَةِ، كتبَ الله له سبعمائة درجة، ما بينَ الدَّرجةِ إلى الدرجةِ ما بينَ تُخُوم الأرض السابعة إلى منتهى العرش" (?).
وتسمية الرب جل جلاله بـ"الصبور" و "خير الصابرين" هو بمعنى: يعلم تأخير العقوبة على من يستحق.
رابعها: معنى قوله: "حتى يكونَ هواه تبعًا لِمَا جئتُ به" أي: من هذه الشريعة المطهرة الكاملة؛ فلا يؤمن حتى يميل طبعه وقلبه إلى ذلك، كما يكون ذلك في محبوباته الدنيوية التي جُبِلَت النُّفوس على الميل إليها، لا بمجاهدةٍ وتصَبُّر، واحتمال مشَقَّة، أو بعض كراهة ما؛ بل بهواها كما يهوى المحبوبات المشتهيات، فإن من أحب شيئًا تَبِعَهُ هوَاهُ ومالَ عن غيره إليهِ ووالاه، ولذلك