حسودًا، وبعضهم يقول: يحسِد -بكسر السين- والمصدر: حسدًا -بالتحريك- وحسادة، وحسدتك على الشَّيء، وحسدوك عليه؛ فأمَّا "الغِبطَةُ" فهي: تمَنَي حالَ المغبوطِ مِن غير أن يُريدَ زَوَالَها عنهُ، تقول منه: غَبَطَهُ بما نالَ غَبطًا وغِبطَةً.

وقد يوضع الحسد موضعها لتقارُبِهِمَا، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا حَسَدَ إلا في اثنتين ... " (?). أي: لا غِبطَةَ أعظمَ ولا أحقَّ مِن الغبطةِ بهاتين الخَصلَتَيْن.

فمعنى "لا تَحَاسَدُوا" -والأصل: "لا تتحاسدوا" فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا-: لا يحسد بعضكم بعضًا، ووجه قبح الحسد أنه اعتراض على الخالق ومعاندة له.

ولبعضهم:

أَلَا قُلْ لِمَن بَاتَ لي حاسِدًا ... أتدرِي على مَن أسأتَ الأدب

يعني: على الله -سبحانه وتعالى- حيثُ كَرِهتَ فَضْلَهُ، وعانَدتَ فِعلَهُ.

وقال أبو الطَيِّب -رحمه الله تعالى-:

وأَظلمُ أَهْلِ الأرضِ مَن كَانَ حَاسِدًا ... لِمَن بَاتَ في نَعمَائِهِ يَتَقَلَّبُ

ووجه ظلمه: أنه يجب عليه أن يحب لمحسوده ما يحب لنفسه، وهو لا يحب لنفسه زوال النعمة؛ فقط أسقط حق محسوده عليه؛ ولأن في الحسد تعب النفس وحزنها بغير فائدة وبطريق محرمة؛ فهو تصرف رديء: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] وفي الحكمة: إن الحسود لا يسود.

دعَ الحسودَ وما يلقاهُ من كَمَدِه .... كَفَاكَ مِنهُ لَهِيبُ النَّار في كَبدِهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015