قال إمام الحرمين -رحمه الله-: "وإذا جارَ والي الوقت وظهر ظلمه ولم ينزجر بالقول؛ فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه" (?). وهذا غريب منه؛ وهو محمول على ما إذا لم يخف منه إثارة مفسدة أعظم منه.

وليس للآمر بالمعروفِ البحثُ والتَّفتيشُ والتَّجسس واقتحامُ الدُّور بالظنونِ؛ بل إن عَثَرَ على مُنْكَر غيَّرَهُ.

واستثنى الماوردي -رحمه الله- من ذلك ما إذا أخبَره مَن يَثِقُ بقوله أنَّ رَجُلًا خَلَا برجل ليقتله أو امرأةٍ ليزني بها؛ فإنه يجوزُ له في مثل هذه الحالة أن يتجَسَّسَ ويقدم على الكشف والبحث حذرًا من فَوَات ما لا يَسْتَدْرِكُهُ (?).

* تتِمَّات:

إحداها: "المنكر": مَا لا يَسُوغُ شَرعًا، ودَلِيلُهُ (?) يَأْباهُ وَيُنْكِرُهُ.

و"المعروف" خلافه.

ثانيها: هذا الخطاب للأمة أجمع، الحاضرُ له والغائِبُ؛ فالحاضر يُعلِم الغائب، وهذه الرؤية يُحْتَمَل أن تكونَ بصَرِيَّة، والأشبه أنَّها عِلْمِيَّةٌ.

ومعنى "فليُغَيِّرهُ": يُزيلُهُ ويُبَدِّلهُ بغَيْرِهِ.

ثالثها: ظاهِرُ الحديث وجوب الإنكار مطلقًا، ومحلّه إذا لم يخف تزايده بإنكاره ولا خاف مفسدة؛ فإن خافها فلا يجب، ولا يشترط إذن الإمام فيه إلَّا أن يخاف من تركه مفسدة، ومن لا تكليف عليه لا وجوب عليه، وكذا العاجز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015