فإِنْ أَدخَلَ عليه ضَرَرًا بفِعلٍ مَا كأَنْ فعَلَهُ فَأَضَرَّ فعْلُهُ لذلك بجاره أو بغير جاره، نُظِرَ إلى ذلك الفِعل؛ فَإِنْ كان أكثر ضررًا على الفاعل مِن الضَّرَرِ الدَّاخِل على الجار بسَبَبِ ترْكِ ذلك في ماله إذا قطع عنه ما فعله، قطع أكثر الضَّرَرين وأعظمهما حُرْمَةً في الأصول.
مِثالُهُ: فتح الكوَّة للضوء، وتطلع منها على الحُرُم، مَنَعَهُ المالِكِيَّةُ دَفعًا لأكثر الضَّرَرين، وعندَ الشافعية يجوز، وشَرَط بعضهم علوها بحيث لا يطَّلع على الجار، ومثله البناء وإحداث الرَّحَا المُضِرَّة بالجار عندهم (?)، وكذا منعَ العلماء مِن دُخَّان الفُرن والحمام، والدُّود المُتَوَلِّد مِن الزبل المنشور في الرِّحَاب وأمثاله؛ إذا ظهرَ ضَرَره، وبَقِيَ أثره، وخُشِيَ تماديه دونَ مَا إذا كان مِثلَ ساعةٍ خفيفةٍ [مثل: نَفْضِ التُّرابِ والحُصُر] (?) على الباب، ومَا زالَ جبريلُ يُوصِي بالجار حتى ظَنَّ الشَّارعُ -صلوات الله وسلامه عليه- أَنَّهُ يُوَرِّثُهُ (?).
وقد روي أنه -عليه الصلاة والسلام- "لَعَنَ مَن ضَارَّ مُسْلِمًا أو مَاكَرَهُ" (?) لكنَّ سنَدَهُ لا يقوم منه ضعف كما قال أبو عُمَر.