ويصفانهِ بالحفظِ والإتقانِ. وكان ابن عُيَيْنَةَ يذمُّه ويَحْكِي مِن سُوءِ مذهبه ما (?) يُسقِطُ رِوَايَتَهُ، واتَّبَعَهُ على ذلك أصحابه: علي بن المدِيني، وابن مَعِين وغيرهما" (?). قال: "ولهذا قُلتُ: إِنَّ هذا الحديث لا يُسنَدُ مِن وجهٍ صحيح" (?).
وأما قوله: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ" فَخَبَرُ "لا" محذوف؛ أي: في ديننا، أو في شريعَتِنَا، أو في سُنَّتِنَا، وظاهرُ الحديثِ تحريمُهُ مُطْلقًا قليلُهُ وكثِيرُهُ، ضرورة كون النَّكرة في سياق النَّفي تَعُم، ثم الظَّاهِرُ تَغَايرُ هذين اللَّفظين حَمْلًا له على التأسيس؛ إذْ هو أَوْلَى مِن التَّأكِيد، فالضَّررُ مِن واحدٍ كالقتل، والضِّرارُ مِن اثنين كالقتال، مِن حيث إنَّ "ضِرَار" مصدر: ضار، وفاعَل إنما يكون من اثنين غالبًا.
وقيل: إنهما لفظتان بمعنى واحدٍ، تكَلَّم بِهِمَا جميعًا على وجهِ التَّأكِيدِ (?)، وهو ظاهر لفظ الجوهري حيث قال: "الضرر" و"الضِّرار" خلاف النَّفع، وقَدْ ضَرَّهُ وضَارَّهُ بمعنى، والاسمُ: "الضّر"." (?).
وقال ابن حبيب (?): ""الضَّرَرُ" عند أهل العربية الاسم، و"الضِّرار" الفعل". قال: "ومعنى: "لا ضرر": لا يَدخُلُ على أَحَدٍ ضررًا لم يُدخِلهُ على نفسه، ومعنى "ولا ضرار": لا يضار أحدٌ بأحدٍ" (?).