قال المازري: "الباري تعالى لا يُوصَفُ بالصِّفةِ المَعْهُودَةِ فينا، لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ عن أنْ يميل أو يمال إليه، وليس بذي جنس وطبع فيوصف بالشَّوْقِ الذي تَقْتَضِيهِ الطَّبيعةُ البشريَّةُ، وإنما محبته تعالى للخلق: إرادته لثوابهم ونعيمهم، على رأي بعض أهل العلم، وعلى رأي بعضهم: أنَّ المحبَّةَ راجِعَةٌ إلى نَفْسِ الإثابة والتنعيم لا الإرادة" (?).
أي: فَعَلَى هذا يكونُ صفة فِعْلٍ، وعلى الأول صفة ذات. وبه قال ابن فورك (?).
ومعنى محبة المخلوقين له: إرادَتُهُمْ أنْ يُنَعِّمَهُمْ ويُحْسِنُ إليهم، أو لِمَا ابتدأهم به من نِعَمِهِ ودَفَعَ من نقمهِ، وإليه الإشارة بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "أَحِبُّوا الله؛ لِمَا يَغْذُوكمْ بهِ مِنْ نِعَمِهِ" (?)، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، "جُبِلَت القلوبُ على حُبِّ مَن أحسَنَ إليها"، ولا إحسانَ في الحقيقةِ إلَّا لله، لأنَّهُ خالقها وخالقهم، ومن محبته: محبته رسله وأنبيائه وأوليائه وملائكته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، واتِّباع سُنَّةِ رَسُولِهِ.
تَعْصِي الإلهَ وأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ ... هذا مُحَالٌ في القِيَاسِ بَدِيعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ ... إنَّ المُحِبَّ لمن يُحِبُّ مُطِيعُ (?)