الناس" لِئَلَّا يتعَدَّد الفاعل وهو غيرُ جائِزٍ، وإن لم يكن ظاهرًا وجب إضماره، نحو "أفتَوْك" لِئَلَّا يَتَجَرَّد الفعل عن الفاعل، وهو غير جائز.
وأما قوله تعالى: {وَأَسَرُّوْا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء:3]، و {عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة:71]. فهو من باب البدل في الضمير، لا مِن باب تعدد الفاعل، ولا من باب: "أكلوني البراغيث"، فإنها لغيَّة، وقد تأولها قوم على أَنَّ الضميرَ عَلامَةُ جمع الفاعل، كالتاء في "قامت هند" علامة تأنيث الفاعل.
فإن قلت: قوله هنا: "والإثمُ: مَا حَاكَ في نَفْسِكَ" يقتضي أن الأمور المشتبهة إثم؛ لأنها تحك في النفس وتتردد في الصدر، وهذا يعارض قوله في الحديث السألف: "فمَن اتَّقَى الشُّبهات" إلى آخره، فإن مقتضاه أنها ليست إثمًا؛ وإنما شرع [اجتنابها] (?) وَرَعًا كَمَا مَرَّ.
والجواب: منع كون الشبهات ليست إثمًا، لأنَّ الاستبراء للدِّين والعِرْض واجِبٌ، واتِّقَاءُ الشُّبهات طريقٌ إليه، والطريق إلى الواجب واجِبٌ، فما كان اتقاؤها واجب فملابستها (?) إثم.
تنزَّلنا وسلَّمنَا ذلك، لكنه محمول على ما إذا ضَعُفت الشبهة فيبني على أصل الحل، وتجنب محلها ورعًا.
وهذا الحديث محمولٌ على مَا إذا قَوِيَت، ويكون مِن باب تَرْكِ الأصل الظاهر، أَعنِي: أصل الحِلِّ، لا حل الشُّبهة وتمكنها (?).
* * *