ومعنى: "حَاكَ": أثر وتردد، ومنه قولهم: ضربته فما حاك فيه السيف؛ أي: مَا أَثَّرَ، وحاك الشيء في قلبي: إذا رَسَخَ فيهِ وَثَبَتَ، ولا يَحِيكُ هذا في قلبي، أي: لا يَثْبُتُ فيه ولا يَسْتَقِرُّ.
قال شَمِرٌ: "الكَلامُ الحائِكُ: هو الراسخ في القلب" (?).
ومعنى الحديث: الشيء الَّذي يؤثر نُفْرَةً وحَزازة (?) في القلب، وإِنَّمَا أحالَهُ الشَّارعُ على هذا الإدْرَاكِ القَلْبِيِّ، لِمَا عَلِمَ مِن جَوْدَةِ فَهْمِهِ، وَحُسْنِ قَرِيحَتِهِ، وتنوير قلبه، وأَنَّهُ يُدْرِكُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسه. وهذا كما قال في الحديث الآخر: "الإِثمُ حَزَّازُ القُلوب" وفي رواية: "حَوَّاز القُلُوب" (?) يعني به: القلوب المنشرحة للإسلام، المُنَوَّرة بالعلم الَّذي قال فيه مالك - رضي الله عنه -: "العِلْمُ نُور يَقذِفُهُ اللهُ في قَلْبِ مَنْ يَشَاء" (?).
وضبط الجوهري "حزَّاز" -بتشديد الزاي فقط-، قال: "وهوَ مَا حَزَّ في القلبِ، وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صَدْرِكَ فقد حَزَّ" (?).