أي: عن هذه الصدقات كلها، وإنما كان كذلك؛ لأَنَّ الصَّلاةَ عَمَلٌ بجَمِيع أعضَاءِ الجَسَدِ؛ فإذا صَلَّى فَقَدْ قامَ كُلُّ عُضو بوظيفَتِهِ التي عليه في الأصل الَّذي ذكره في الحديث قيامًا ورُكُوعًا وسُجُودًا.
قال صاحب "الإفصاح" (?): "وفيه أَنَّ الإنسانَ قد أعطاهُ الله خلقه، قال الله تعالى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] وفي معنى الآية وجهان: أعطى خلقه كل شيء، أو أعطى كل شيء خلقه؛ أي: وهبَ للآدَمِي خلقه؛ فجملةُ عِظَام الآدَمِي هِبَةٌ مِن الله له.
وتفضِيل ذلك أن كل سُلَامى هبة من الله للآدمي.
قال أبو عبيد - رَحَمَهُ اللهُ -: "معنى الحديث: أَنَّ كُلَّ عَظْمٍ مِن عظام ابن آدم [صدقة] " (?). فَإِذَا (?) نَظَرَ الآدَمِيُّ في خلق نفسه، ورَأَى أنَّه [لو] (?) قد أعوَزَهُ عظم واحد لاختلَّت عليه حياته كما لو زاد، وَرَأَى أنَّ ذلك كُلّه لم يكن له فيه صُنع، ورأَى أنَّ عِظَامَ الآدمي مَا بينَ طِوال وقِصار، ودِقَاقٍ وغِلَاظٍ، فَلَو قَصُرَ الطَّويلُ مِنهَا، أو طال القصير، أو دقَّ (?) الغَلِيظُ، أو غلظ الدقيق لاختل بذلك نفعه. فإذا أصبحَ المؤمِنُ قد أُعطِي لِينَ الحركة لما اتفق فيه من تَركِيبِ العِظَام