ثانيها: يحتمل كما قال القاضي: "تسميتها: صدقة" أنَّ لها أَجْرًا [كَمَا للصَّدَقَةِ أَجْرٌ] (?) وأنَّ هذهِ الطَّاعَاتِ تُمَاثِلُ الصَّدَقَاتِ في الأجور، وسمَّاها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام" (?).
وقيل معناه: أنها صدقة علي نفسه، والأول أَظْهَر؛ فأَجْرُ التَّسبِيح وَمَا بعده كأجر الصيام وأجر الصلاة في الجنس؛ لأن الجميع صادِر عن مَرضَى الرَّبِّ تعالى مُكافأة على طاعته، أَمَّا في القَدْرِ والصِّفة فَتَتَفَاوَت بِتَفاوت الأعمال في مَقَادِيرها؛ فليس ثواب ركعتين، أو صوم يوم كثواب أربع ركعات، وصوم يومين، وليس ثوابُ عِتق رَقَبَةٍ نَفِيسَةٍ كَدُونِها.
فالمعنى: "بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً" ومَا بعده، أي: حسنةً كحسنةِ صدقة في الجنس؛ لأَنَّ الأعمال مُقَدَّرَةٌ بالحسنات بدليل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] والحسنة صِفَةٌ (?) في الأصل تستعمل في العمل وجزائه يُقال: عَمِلَ فُلانٌ حَسَنَةً، فَجَزَاؤُهُ حسنة، أي: عَمِلَ خَصلَةً فَجزاؤه خصلة حسنة ثانية من الله. والمراد لسببها؛ كقوله -عليه الصلاة والسلام-: "في النَّفْسِ المُؤْمنَةِ: مِائَةٌ منَ الإِبِلِ" (?) أي: بسبب قَتْلِها وجوب مائة.