لأَحَدٍ بعد الرسل.
ومن قِلَّةِ الإِنصَاف: إسنادُ التَّوفِيق إلى النفس، وإسناد غيره إلى القَدَر، والظلم من شِيَمِ النُّفُوسِ، والطاعاتُ علي العبدِ حمدُ الله عليها، وضِدّها عليه لَوْمُ نفسهِ وإن كانت مقدَّرة، لأنها من كسبه وتفريطه، والحديث دال علي انحصار فائدة الناس في المعاد، وكل ما يتفضل به الرب - جّلَّ جَلَالُهُ - فهو غير لازمٍ عليه؛ فُكُلُّ مَا خَلَقَ فهو مُحتَاجٌ إليه.
خاتِمَةٌ: تَكَرَّرَ في الحديث "يا عبادي! " وهو مُتَناول للنساء لكن بقَرِينَةِ التَّكليف، وَأَمَّا الخِطَابُ المختَصّ بالذكور أو بالإناث؛ فَحَكْمُهُ لائِحٌ والصالح لهما يعمهما، واختُلِف في نحو: "المسلمين" و"المؤمنين"؛ هل يتناول النساء أم لا؟ والأشبه المنع وضعًا، بل بقَرينَةٍ أو عُرْفٍ.
أُخْرَى: حاصل قوله: "كلُّكُم ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ"، "كُلُّكُمْ جَائِعٌ"، "كُلُّكُم عَارِ" التَّنبِيهُ على فَقْرِ العَبْدِ وعجزِهِ عن جَلْبٍ ودَفْعٍ إلَّا بيدِهِ، وهو تنبيهٌ علي معنى قوله: "ولَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بالله العَلِيِّ العَظِيم".
وقد قال في آخره: "يا عبادي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُم ... " إلى آخره، فَنَبَّهَ على أنَّ عَدَمَ إيجادِ الأعمال لا يُنَاقِضُ خِطَابَ التَّكليف إقدامًا عليها وإحجامًا عنها.
فنحنُ وإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّا لا نسبِقُكَ بحسن بوجدان الفرق بين الحركة الضرورية والاختيارية، وتلك التَّفْرِقة راجِعَةٌ إلى تمكن محسوس وتَأَدُّب مُعتَاد يوجَدُ مع الاختيارية ويُفْقَدُ مع الضَّرُورية، وذلك هو المُعَبَّرُ عنه بالكَسْبِ، وهو