الكلام عليه مِن وُجُوهٍ -بعد أَنْ يُعلَم أَنَّا تَكَلَّمنا على لفظِ "العبد" في خُطبة "شرح المنهاج" وأوضحنا جميعه فيه-:

أحدها: "لا تظالموا" هو بفتح التاء، أصله: تَتَظَالموا، حُذِفت إِحْدَى التَّاءين تخفيفًا.

ومعنى: "حَرَّمتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي": تَقَدَّسْتُ عنه وتَعَالَيْتُ، فإنه مستحيل في حَقِّه؛ لأنَّهُ مجاوَزَةٌ في الحَدِّ أو التَّصَرُّف في غير مُلْك، وهما جميعًا محالان في حَقِّهِ بالإجماع. وذلك: لأَنَّ الظُّلمَ إِنَّما يُتَصَوَّر في حَقِّ مَن حُدَّتْ لهُ حُدودٌ، وَرُسِمَت له مَرَاسيم؛ فَمَن تَعَدَّاها كان ظالِمًا، والرب جل جلاله هو الذي حَدَّ وَرَسَمَ؛ إذْ لا حاكِمَ فوقَهُ، ولا حاجِزَ عليه، ولا يَجِبُ عليه حُكْم، ولا يَتَرَتَّبُ عليه حَقٌّ، ولا يُتَصَوَّرُ الظُّلمُ في حَقِّهِ، ومَحَلُّ الخوض في ذلك "عِلمُ الكلام"! (?)، ومن يقولُ بالتَّحسين والتَّقبِيح العَقْلِيِّ يقولُ به أيضًا لِقُبْحِهِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015