ثانيها: أصل "الشَّطْر": النِّصف، قال ابن دُرَيد في "الجمهرة": "النِّصفُ مِن كُلِّ شيء" (?).

وقال صاحب "المجمل": "شطرُ كلِّ شيءٍ: نِصْفُهُ" (?).

قلتُ: في حديث "الإسراء" مَا يَدُلُّ على أَنَّ الشَّطر يكون الجزء، بقوله في الصلاة: "فوضَعَ شطْرَها -قال ذلكَ ثلاثًا-" (?)، فلوْ كان الشَّطرُ بمعنى النِّصف كان قد سقط الكل في الثاني.

وفي "النَّسائي": " ... فَجَعَلَها أرْبَعِينَ، ... فَجَعَلَها ثَلاثِين، ... فجَعَلَها عِشْرِينَ، ... ثُمَّ عَشَرَة، ... ثُمَّ خَمْسَة" (?).

واختُلِفَ في معنى كونه "شطْر الإيمان" على أَوْجُهٍ (?):

أحدُها: أنَّ مُنْتَهَى تَضعِيف ثَوَابه إلى نِصْفِ أَجْرِ الإيمان.

ثانيها: أنَّ الإيمان يَجُبُّ مَا قبلَهُ مِنَ الخطايا؛ فكذا الطهور، لكن صِحَّته مُتَوَقِّفةٌ على الإيمان، فصارَ نِصْفًا.

ثالِثُها: أنَّ المُرادَ بالإيمان: الصلاة، والطهور شَرْطٌ لِصِحَّتِها؛ فكانَ كالشَّطْر، وليسَ يلزَمُ في الشَّطر أَنْ يكونَ نِصْفًا حقيقيًّا، وهذا القول أقربها،