وصَدْرُ الآيةِ دالٌّ على ذلك، وهو قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
واعلم أنه لا خفاءَ إذا تعدد اللفظُ واتَّحَدَ المعنى، وكانا مَعْرِفتَيْن أنه راجعٌ إلى معهودٍ سابق، فإنْ كان الثاني نَكِرةً تعدد، وإن كانَ الأول معرفةً والثاني نكرةً أو عكسه فلا، وذلك مع التَّجرُّد عن القرائن.
وما أحسن حكاية العتبي -رحمه الله- قال: "كنتُ ذاتَ يوم في بادِيَةٍ وأنا بحالة مِن الغَمِّ، فأُلقِيَ في رُوعِي بيتٌ مِنَ الشِّعر، فقلتُ:
أرىَ الموتَ لمن أصبحَ مغمومًا لهُ أروح
فلَمَّا جنَّ الليلُ سَمِعتُ هاتفًا يهتفُ مِنَ الهواء:
ألا أيها المرءُ الذي الهمُّ به بَرح
وقد أنشد بيتًا لم يزل في فكره سنح
إذا اشتدت العُسْرَى ففَكِّر في أَلمْ نَشْرَح
فَعُسْرٌ بينَ يُسْرَين إذا ذكرتَهُ تفرح
فإنَّ العُسْرَ مَقْرُونٌ بيُسْرَيْنِ فلا تَتْرَحْ
فحَفِظْتُهُما، فَفَرَّجَ الله عنِّي" (?).
* * *