والنفع، فهو يوجِدُهُما وحدَهُ، وصارف ضر المخلوقين عنكَ؛ لأنَّ زِمام الوجود بيده منْعًا وإطلاقًا، فإذا أرادكَ أَحَدٌ بسوءٍ وأرادَ اللهُ رفْعَهُ عنكَ مَنَعَهُ بِعارِضِ مرَضٍ، أو شُغلٍ، أو نِسيانٍ، أو صرفِ قلبٍ.

وإذا أردتَ أنْ تَعْرِفَ تصاريف الأقدار في الوجود فانظر إلى رقعة الشِّطْرَنْج كيفَ يقْلِبُها مجيء بعض، ويقتل بعضها بعضًا، ولا يُستَغربُ ذلك؛ فَحَقِّقْهُ بعينِ اليقين تَجِد أسباب المقادير في الوجود يمنعُ بعضها وصول الشر إلى بعض: "مَصَائِبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائِدُ".

الثامن: قوله: "كتبه الله لك" و "كتب عليكَ" قد سلَفَ فيما مضى: كَتْبَ الرِّزق والأجل والعمل والشَّقاء والسَّعادة (?).

التاسع: قوله: "رُفِعت الأقلام وجَفَّت الصُّحف" أي: فلا يكون خلافَ ما ذَكَرت بنسخ ولا تبديل، فالكتابة تركت بها لرفع الأمر وإبرامه، كما سلف في: "وجفَّت الصحف".

العاشر: قوله: "أنَّ ما أخطأكَ لم يكُن ليصيبك ... " إلى آخرهِ، هوَ رَاجعٌ إلى قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] أي: قدْ فُرغَ مِمَّا أصابكَ أو أخطَأَكَ مِن خيرٍ أو شَرٍّ، فَما أَصَابَكَ كانت الإِصَابة متَحَتِّمة فلا يمكن الخطأ، ومَا أخطأَكَ فالسَّلامَةُ منهُ محتومة فما يمكن الإصابة، لأنَّ ذلِكَ كالسِّهام الصائبة وجهت مِن الأزل فلا بُدَّ أنْ تقع مَوَاقعها (?)، فتخصيص الإرادة وتعلّق العِلم الأزلي به يتحتم الوقوع، وإذا تعلَّقَ علمُ اللهِ بوقوع ممكِنٍ أو عدم وقوعه فهل يبقى خلاف ما تَعَلَّقَ بهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015