ولهذا لمَّا تجَرَّدَت الملائكةُ -عليهم السلام- عن الغضب والشَّهوة تجرَّدُوا عن جميع الشرور البشرية.
ويترك الشر فضل الحلم وخوف الرب (?) يندفع ذلك كما حُكِيَ عن بعض الملوك: أنه كتبَ ورقةً يذكرُ فيها: "ارحَمْ مَن في الأرضِ يرحمكَ الذي في السماء، ويلٌ لِسُلطان الأرض مِن سُلطان السماء، ويل لحاكِمِ الأرض مِن حاكم السَّماء، اذكُرْ في حينَ تَغْضَب أذكُركَ حينَ أَغْضَبُ" ثُمَّ دفَعَها إلى وزيره وقال: "إذا غَضِبتُ فادفَعْها إليَّ" فَجَعَلَ الوَزِيرُ كلَّما غَضِبَ المَلِكُ دَفَعَها إليهِ، فَيَنْظُر فيها فيسْكن غضبه.
وقد أَمَر الشارعُ -صلواتُ الله وسلامه عليه- بالانتقال عن الحالة التي هو فيها: إنْ كانَ قائمًا بالقُعود، وإن كانَ قاعِدًا فبالاضطجاع (?)؛ والقصدُ به البُعْدُ عن هيئة الوثوب والتسرُّع إلى الانتقام ما أمكن؛ حَسْمًا لِمَادَّةِ المُبادرةِ.
وما أحسن قول معاوية بن أبي سفيان الأموي - رضي الله عنه -: "مَا غَضِبتُ على مَن أَقْدِرُ عليه، وما غضبَ عَليَّ مَن أَقْدِرُ عليه".
والمُراد: ما تعاطيتُ أسبابه، ودَفَعْتُهُ لأنَّهُ جِبِلِّي.
وحُكِيَ عن سيدنا موسى -صلوات الله وسلامه عليه-: "أنَّهُ لَمَّا قيلَ لهُ: {خُذْهَا