وحَمَلَهُ عامةُ الفقهاء على الأدب، وأَنَّها مِن مكارم الأخلاق، ومحاسن الدِّين، وقد قال -عليه الصَّلاة والسلام-: " ... جائِزَتُهُ يومٌ ولَيْلَةٌ" (?)، والجائِزة: العَطِيَّة والمِنْحَة والصِّلة، وذلك لا يكون إلَّا مع الاختيار، وقلَّ استعمالها في الواجب، وقوله: "فليُكرم" يدلُّ عليه، وقد قَرَنَهُ بإكرام الجار.
وتأَوَّلوا الأحاديث على أنها كانت في أوَّل الإسلام، إذْ كانت المواساةُ واجبةً.
أَوْ كانَ ذلِكَ للمجاهدينَ في أَوَّلِ الإسلام لقِلَّةِ الأَزْوَادِ.
أو المُرادُ بهِ: مَن لَزِمَتْهُ الضيافة من أهل الذِّمةِ.
واخْتُلِفَ: هل الضيافة على الحاضر والبادي، أم على البادي فقط؟
فذهب الشَّافعي ومحمد بن عبد الحكم (?) إلى الأُولى.
وقال مالك وسحنون بالثَّاني، وقد جاء في حديثٍ: "الضِّيافَةُ على أهلِ الوَبَرِ، وَلَيْسَتْ عَلَى أَهْلِ المَدَر" (?) لكنَّهُ عندَ أهلِ المعرِفةِ موضوعٌ كَمَا نَقَلَهُ القَاضي، قال: "وقد تتعيَّن الضيافة لمن اجتاز مُحْتاجًا وخِيفَ عليه الهلاك، وعلى أهل الذِّمَّة إذا اشتُرِطَت عليهم" (?).