وقال الفضيل بن عياض: "مَن عدَّ كلامه مِن عمله قلَّ كلامه فيما لا يعنيه" (?).
وعن ذي النون -رَحمه الله-: "أَصوَنُ النَّاس لِنَفْسِهِ أَمْلَكُهُم لِلِسَانِهِ" (?).
وفي صحف إبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام-: "مَنْ عدَّ كلامه من عمله قَلَّ كلامه". أو نحو هذا.
وفيها: "وعلي العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مُقْبِلًا على شأنهِ، حافِظًا للسانِهِ، وَمَنْ حسب كلامه من عمله قل كلامه". وغير ذلك (?).
الثَّانية: إكرامُ الجار -وقد أسلفنا مَا صَحَّ فيه-، ومَقْصُودُهُ مَقْصُودُ الحديث السَّالِفِ: "لا يُؤْمنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" أعني: من الألفة والاجتماع، واتّفاق الكلمة، وضِدُّه منافٍ لذلك، وكانت الجاهلية تُشَدِّدُ أَمْرَ الجَارِ ومراعاته وحِفظِ حَقَهِ، وكان في الوصيَّة بإكرامه الرغبة في الإسلام، وهو راجعٌ إلى قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36].
قال ابن عباس وغيره: "الجَارُ القريب: النَّسيب، و {الْجُنُبِ}: الذي لا قَرَابَةَ بينَكَ وبَيْنَهُ" (?).
وقيل: من {الْقُرْبَى}: المسلم، و {الْجُنُبِ}: الذِّمِّي.
وقيل: {الْقُرْبَى}: القريب السَّكن منكَ، و {الْجُنُبِ} البَعِيدُهُ.
ثم الجار المُسْلِم له حقَّان، والقريب له ثلاثة، والكافر واحد.