ومعنى الحديث راجِعٌ إلى معنى الحديث السالف: "إِنَّ الحلال بيِّنٌ ... " إلى آخره.
وهو أصلٌ عظيمٌ في الوَرَعِ، فأطلَقَ الشَّرعُ الأيدي على الحلال وقَصَرها عن الحرام، وَوَرَّعَ عن المُشْتَبَهِ في قولٍ، وَمَنعَ مِنْهُ في آخر، وفصَّل مرَّةً فقال: إن كان مِنَ الفواحشِ الكبار التحقت فيه الشُّبهَةُ بالحرام، وإن كان من غير ذلك بنى على هذا الأصل (?) كمسألة العِينَة؛ جوَّزها قومٌ للحاجة، ومَنَعَهَا آخرون، والورع لا يخفى، وقد سلف في الحديث: "لَا يَبْلُغُ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ المتَّقينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لا بَأسَ بهِ حذارًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ" (?).
وأعلى مِن ذلِكَ: تَرْكُ الحَلالِ مَخَافَةَ الوُقوعِ في الحَرَام، وقد تقعُ الريبة في العبادات والمُنَاكحات وعِدَّة من أبواب الفقه المشتبهات، ولا شَكَّ أَنَّ التَّركَ أسْلَمُ للدِّين، كَمَا بيَّنَهُ سيِّدُ المُرْسَلين.
* * *