وعادةُ العربِ إذا استعظَمَت أمرًا رَفَعَت أيْدِيَها، فالدَّاعي أَجْدَرُ بذلِكَ؛ إذْ هوَ بين يديْ عظيمِ العُظماءِ كما في التَّكبير، وهو العادة في سؤال المخلوق ليأخُذَ في يدهِ، ولأنَّهُ قِبْلَة الدُّعاء (?).
وقوله: "فأنَّى يُستجاب لذلك" أي: كيف؟ على جِهَةِ الاستبعاد لمن هذه صِفَتُهُ وهذا حالُهُ، ومعناه: أنه ليسَ أهلًا لإجابةِ دُعائه، فلا يُجيرُهُ شعثه وغباره من إثم مطعمه ومشربه، فالغوي الذي مَدَّ لها يَدًا نشأت عن مخالفة وعصيان، فكيف حال مَنْ هو منهَمِكٌ في الفساد، ساعي بظلم العباد؟
لكن يجوز أن يستجيبَ اللهُ لهُ تَفَضُّلًا ولُطفًا وكَرَمًا، نعم؛ مِن علامة الإجابة: اجتنابُ الحرام؛ لأنَّ مخالطته تُفْسِدُ القلب، وإذا فَسَدَ فَسَدَت جوارِحُهُ.
ومعنى: "غُذِيَ به" أي: كان غِذَاؤُهُ -وهو بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ، ثم ذالٍ مُعْجَمَةٍ مَكسُورةٍ مُخَفَّفةٍ-.
وللدُّعاءِ آداب وشروطٌ ذَكَرَهَا الغزالي (?) وغيره في كتاب "الدُّعاء":