ثمَّ هذا الحديث يرجع من آي الكتاب إلى قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57]، {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] أي: حلالًا، ليخرج الخبيث والمُحَرَّم.

ومِنَ السُّنَّةِ الحديث الذي ذَكَرناهُ ويأتي: "دَعْ مَا يَريبُكَ إلى مَا لَا يَريبُكَ".

وفي "الترمذي" مِن حديث عائذ بن عمرو مرفوعًا: "لَا يَبْلغُ أَحَد أَنْ يَكُونَ مِنَ المُتَّقين حتى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بهِ حِذَارًا مِمَّا بهِ بَأسٌ" (?).

رابعهما: في ضَبْطِ ألفاظِهِ ومَعَانيه:

"الحرام": الممنوع منهُ شرعًا (?)، والحلالُ ضِدُّه: وهو ما عُلِمَ أصله، أو ما لم يتبين حرمته وهو أسهل مِنَ الأول.

و"المُشْتَبِهات": ما تُردِّدَ بينَهُمَا، وقامت فيه شُبهَةُ الحِلِّ والحُرْمَة.

والمُراد: أن نوعهما بيِّن لا يَخْفَى، ثابتٌ بنُصوص الكتاب والسُّنة، يعرِفُهُ كلُّ أحدٍ، ولا يُحتَاجُ إلى تَعدادهِ.

والمُرادُ بقوله: "لَا يَعْلَمُهنَّ كثيرٌ مِنَ الناس" أنها ليسَتْ بِواضِحَةِ الحِلِّ ولا الحُرْمَة؛ فلهذا لا يَعْرِفُهَا كثيرٌ مِنهُم، وأمَّا العُلَمَاء فَيَعْرِفونَ حُكْمَها بِنَصٍّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015