وقلوب الخلق يُصَرِّفها كيف يشاء، فالمُوَفَّق من بَدَا عمله بالسَّعادة وخُتِمَ بها، والمَخْذُول عكسه، وكذا من بدا بالخَيْر وخُتِمَ بالشَّر لا عكسه. وأهل الطريق في كُل حالهم يخافون سوء الخاتِمَة -نجانا الله منها- (?).
وتصرُّف الله في خلقهِ ظاهِرًا: إمّا بِخرْقِ العادات كالمُعْجِزة، وإِمَّا بِنَصبِ الأدلة والأمارة كالأحكام التَّكليفية؛ أو باطنًا: إما بتقدير الأسباب نحو: {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] وشِبهه.
أو بِخَلق الدَّواعي والصَّوارف نحو: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [الأنعام: 108]، {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} [الأنعام: 110]، {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)} [التوبة: 127]، "يا مُصَرِّفَ القُلوبِ صَرِّفْ قلوبَنَا على طَاعَتِكَ" (?).
وفي الحديث إشارةٌ إلى تعاطي الأسباب للسَّعادة والشَّقاوة، وبها يظهر ما جُبِلَ عليه مِن الخير والشَّر: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ثمَّ لا يَنْبَغي له مع ذلك أن يعجب بها خوف احتِبَاطها، ومن لُطْفِ الله تعالى أنَّ انقلابَ الناس مِنَ الخَيْر إلى الشَّر نَادِرٌ، والكثيرُ عكسه "إنَّ رحمَتي سَبَقَت غَضبِي" (?).
خاتِمَة: الكافر والعاصي يختلفان في التَّخليد وغيره، فالكافر مخلدٌ في النَّار أبدًا، والعاصي المُوَحِّدُ لا يُخَلدُ، وأَمرُهُ في التَّعذيب إلى رَبِّه.