الأولى: قوله "شديد بياضِ الثِّياب" إلى آخِرِه، إشَارَة إلى غَرَابةِ هذه القِصَّة، لأنَّ الرَّجُل هيئته هيئة حاضِرٍ لا يَخْفَى عليه أَمْرُ الدِّين مع اشْتِهارِه غالِبًا خُصوصًا في المَدِيحْة، وسُؤاله سُؤال أَعْرَابي وَارد غير عالم بالدِّين، وهذا بِخِلاف حديث طَلْحَة: "جَاءَ أَعْرابيّ مِن أهلِ نَجْدٍ، ثائرُ الرَّأس" الحديث (?)، إذ وصَفَهُ بِصفةِ الأَعْرَاب الوَارِدِين، فلَمْ يَكُن في سُؤاله غرابة ولا عَجَب.
الثانية: فيه اسْتِحبابُ التَّجَمُّل وتَحسين الهَيئَة للعَالِم والمُتَعَلِّم، وجبريل مُعَلِّم مِن جِهةٍ، لقوله: "يُعَلِّمُكم"، ومُتَعَلِّم من أُخرى، مِن كَوْيه جاءَ في صُورَةِ سائلٍ.
الثالثة: مُنَاداته باسمهِ كَمَا يُنادِيه الأعراب، مِن باب التَّعْمِية على حاله، ففيه جَوَازُ تسمية المُتَعَلِّم (?) شَيْخَهُ، والمرؤوس رئيسَهُ باسمِهِ، لكن غَلَبَ في العُرْف تَلْقيبُهُم، فينبغي اتِّباعه، إلَّا أن يُعلَم أنه لا ينقبض من [تسميته باسمِهِ الأَصْلِي] (?)، ولا يتأذى به، فيكون هو الأولى اتباعًا لهذه السُّنَّة وغيرها؛ ولأنَّهُ أقرَبُ إلى التَّواضعِ، وأولى بالصِّدق.
الرابعة: فيه إجابَةُ المُستفتي على ما فَهم من القرينة، فإنَّهَا كالنَّص، فإنَّهُ سأَلهُ عن الإسلام وهو مُحتمل لسؤاله عن حقيقته، أو شرطه، أو مكانه وغير ذلك، فأَجَابَهُ بِمَاهِيَّته وحقيقته.
الخامسة: فيه أنه ينبغي لمن حَضَرَ مَجَالِسَ العُلَماء إذَا عَلِمَ بأهلِ المَجْلِس حاجةً إلى مَسْأَلةٍ السُّؤَالُ عنها، لِتَحصل الإفادة لهم.