* تنبيهان:
الأوَّل: قوله "فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ" فإنه ينبغي أن يكونَ مُستأنَفًا، وأنَّ الجواب تمَّ عندَ قوله: "كَأَنَّكَ تَرَاه"؛ لأنَّهُ مِنْ جِنسِ مَقُدورِ العَبد، بخلاف رؤيته تعالى.
ثانيهما: يؤخَذُ مِنْهُ جوازُ رؤية الباري تعالى لإتيانه بِـ "لَمْ" دونَ "لا"؛ لأنَّ الممكن يُنْفَى بِـ "لَم" والمستحيل بـ "لا" فَيقالُ: زيدٌ لَمْ يَقُم، والحَجَرُ لا [يقوم] (?) ومنه "الشُّفعَةُ فيما لم يُقْسَم" (?). وقد نطقَ الله بها في الآخرة، وأبعد الله مَن نَفَاها، وفي الدنيا جَائِزةٌ (?) عَقلًا.
الثاني بعد العشرين: "الساعة" المرادُ بها هنا: يوم القيامة، وإن كانَ أصلها وضعًا: مقدارًا ما مِنَ الزَّمان غير مُعيَّن ولا مُحَدَّد، قال تعالى: {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55].
والموقتون اصطَلَحوا على أنها: جزءٌ مِن أربعةٍ وعِشرين جُزءًا مِنَ الليل والنهار.
فمعنى "أخبرني عن الساعة" أي: عن زمن وجود القيامة، سُمِّيت ساعة -وإن طال زمنها- اعتبارًا بأول أزمنتها، فإنها: {لَا تَأْتِيكُمْ إلا بَغْتَةً} [الأعراف: 187]، {قَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18] (?).
وقوله: "مَا المَسؤول عنها بأعلَمَ مِنَ السَّائل" أي: كِلانا سَواءٌ في عَدَمِ العِلمِ به مِن وقوعها: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه: 15]، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: 187].