فبيعوا كيف شئتم" (?)، فدل أن اتفاقهما مانع من التفاضل، وفي حديث عبادة أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب .. إلى أن قال: حتى الملح بالملح" (?)، فجعل غاية لما ابتدأ به وهو الذهب والفضة والبر، فدل على أن ما بينهما في حكمها, ولأن ذلك مبني على صحة القياس وثبوت التعليل.
فصل [4 - ثبوت تعليل هذه المسميات وحصر هذه العِلَّة]:
إذا ثبت أن هذه المسميات معللة وأن التحريم يتعلق بمعانيها، فالعِلَّة فيها (?) عندنا: أنها مأكولة مدخرة للعيش غالبًا هذا حصر أوصاف العلة، ومن أصحابنا من يعبر عنها بالقوت وما يصلحه والمعنى واحد (?)، وقال أبو حنيفة العلة الكيل والوزن مع الجنس (?)، وقال الشافعي: العلة كونه مطعومًا جنسًا (?).
فدلينا: أنه قد ثبت أن نصه صلى الله عليه وسلم على البر وما ذكر معه ليفيد به معنى لا يعلم مع عدمه ولا مع نصه على غيره، فلو أراد مجرد الأكل على ما يقوله الشافعي لاكتفى بالنص على واحد منها (?)، إذ الأكل متساو في جميعها وليس يختلف عنده، فكان يذكر أصنافه لينبه (?) على صنف بما ينص عليه منه، وكذلك لو أراد الكيل بمجرده لكان يكتفي أن ينص على واحد منها (?) إذ الكيل متساو في جميعها، وعلى قولنا: لا يعرى نصه على كل واحد منها من فائدة فنصه على البر لينبه به على كل مقتات تعم الحاجة إليه وتقوم الأبدان بتناوله،