وإنما قلنا ذلك للإجماع والمعنى: فأما الإجماع فإن حبان بن منقذ (?) طلق امرأته وهي ترضع فمكثت نحو سنة لا تحيض لأجل الرضاع ثم مرض حبان فخاف أن ترثه إن مات فخاصمها إلى عثمان، وعنده عليّ وزيد رضي الله عنهم فقال لهما: ما تريان، فقالا: نرى أنها ترثه لأنها ليست من القواعد اللائي يئسن من المحيض، ولا من الأبكار اللائي لم يحضن فهي عنده على حيضتها، مات كان من قليل أو كثير لم يمنعها إلا الرضاع فانتزع حبان ابنه منها، فلما حاضت حيضتين مات حبان فورثته واعتدت عدة الوفاة (?)، فأجمعوا أن التأخير بالرضاع لا يسوغ لها الاعتداد بغير الحيض وعللوا ذلك بأنها ليست ممن تحض ولا آيسة.
والمعنى هو جري العادة بأن الرضاع يؤثر في تأخير الحيض فلا يكون ذلك ريبة، فإذا كان ذلك وجب انتظار زواله.
فصل [18 - في عدة المريضة]:
وأما المرض ففيه روايتان (?): إحداهما أنه كالرضاع ذكرها الشيخ أبو بكر عن أشهب، والأخرى أنه ريبة، فوجه قوله: إنه كالرضاع أن سبب تأخر الحيض معروف، ولأن المرض يؤثر في ذلك لأنه يضعف القوة أو يكون فيه ما يخرق الدم أو يحبسه، فكان كالرضاع ووجه القول بأنه ريبة أنه ليس فيه عادة متقررة بتأخير الحيض ولا اختصاص في ذلك لبعض الأمراض دون بعض فكان ريبة.