فصل [14 - في أن ماله مثل النعم مضمون بمثله]:
وإنما قلنا: أن ماله مثل من النعم مضمون (بمثله خلافًا لأبي حنيفة في قوله: أنه مضمون) (?) بالقيمة (?) لقوله عَزَّ وجَلَّ (?): {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (?)، ففيه أدلة:
أحدهما: أن إطلاق المماثلة يقتضي الخلقة والصورة والجنس، فلما قيده بأن يكون من النعم علم بأنه أراد الخلقة من هذا النوع دون غيره.
والثاني: قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (¬5)، وهذه الكناية عائدة إلى الجزاء وهو المثل من النعم ولا ذكر للقيمة للظاهر.
والثالث: قوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (?)، فأوجب أن يكون نفس الشيء المحكوم به هديًا بالغ الكعبة، وهذا لا يمكن في القيمة دون أن تبدل (?)، وإنما يصح في المثل، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الضيع صيد وفيها كبش إذا أصابها المحرم" (?)، ففيه أدلة:
أحدهما: أنه عين الواجب فيها وهو الكبش، وعند المخالف أن الواجب القيمة من غير تعيين.
والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم جعل فيها جزاء مقدرًا وعندهم لا يتقدر، لأنه يزيد وينقص باختلاف القيم.
والثالث: أنه أوجب كبشًا وعندهم يجب تارة كبشًا، وتارة دونه، وتارة أكثر منه بحسب اختلاف القيمة، ولأنه إجماع الصحابة روي عن عمر وعثمان