التأبيد فلأن غير المحرم إنما يعود إلى المحبس بشرط انقراض المحبس عليهم فإذا صرفه إلى المجهولين علمنا أنه أراد التأبيد بأنه لا يعلم انقراضهم وكذلك الموصوفون لأن ذلك ينتظم المعدوم والموجود وذلك يقتضي تعلق حقهم به ما أمكن وجودهم وكذلك (?) العقب يقتضى التأبيد إلا أن يكون أصله معينا فإنه بتعيين أصله.
وإنما قلنا إنه إذا قال هذه الدار حبس ولم يعين الوجه الذي تصرف فيه فإنها تصرف في وجوه الخير والبر لأن الحبس والوقف يراد به وجه الله تعالى والقربة إليه وذلك يتعين بتعيينه فإذا لم يعينه كان مطلقا فيها ولم يجز إبطاله لأنه لو صرح بذلك لكان هذا حكمه.
ومن شرط الحبس والوقف أن يخرج من يده في صحته فإن أقام في يده حياته أو إلى مرضه الذي مات فيه فإنه يبطل ويكون ميراثًا إلا أن يكون أخرجه عن يده مدة يسيرة (?) فيها ثم أعاده إلى نظره فكان يصرف غلاته في وجوهها ويقوم بها فإن ذلك لا يبطل الحبس.
وإنما قلنا ذلك لحديث أبي بكر رضي الله عنه أنه كان نحل عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا فلم يقبضه حتى مرض مرضه الذي مات منه فقال لها: لو كنت حزتيه لكان لك، وإنما هو اليوم مال الوارث (?)، ولأن ذلك طريق إلى أن ينتفع الإنسان بماله في حياته ويخرجه عن ورثته بعد موته فلا ينفع الحجر عليه شيئًا فأما إن عاد إليه فكان يليه ويصرف غلاته في وجوهها وسلبها (?) فإنه لا يبطل لأن التهمة تزول عنه إذا كان أخرجه عنه مدة بينة وأشهر (?) أمره،