صدقة أو صدقة حبسا ولا ذكر مجهولين ولا عقبى فاختلف أصحابنا في تخريج قول مالك فيها: فمنهم من قال إنها على روايتين كقوله حبسا فقط ومنهم من قال على رواية واحدة إنها ترجع حبسا ولا تعود ملكا هذه جملة مما ذكره أصحابنا في ألفاظ الحبس والوقف ونحن نتكلم على تفصيلها.

فصل [5 - في أن لفظ الوقف يفيد بمجرده التحريم والتأبيد]:

قد بينا أن لفظ الوقف يفيد بمجرده التحريم والتأبيد، ووجه قوله في الحبس المطلق على المعنيين أنه يرجع ملكا هو أن مجرد لفظ التحبيس لا يقتضي التأبيد والتحريم لامن لفظه ولا من معناه لأن لفظه مجرد على التحريم ومعناه أن (?) المنفعة لمن جعلت فقط حبس عليهم لا تخرج عنهم فأما تحريمها بعد انقراضهم لأنه مما لا يستفاد به فإذا كان كذلك وجب عودها ملكا للمحبس (لأنها على أصل ملكه لزوال الحق الذي يتعلق بها فإذا وصفت بالتأبيد والتحريم) (?) فقد انضم إلى لفظه ما دل على المراد به فلذلك قلنا أنه مؤبد وكذلك إذا جعل على مجهولين أو موصوفين فإنه يقوم مقام التأبيد والتحريم ويدل على أن المحبس أراد ألا يرجع ملكا لأنه ملك منفعتها لمجهولين لا يحاط بعددهم ولا يعلم انقراضهم وكذلك الموصوفين بصفة لأن ذلك ينتظم الموجودين والمعدومين فدل هذا على أنه قصد بذلك التحريم.

ووجه قوله أنها تكون حبسا محرمة قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر رضي الله عنه "حبس الأصل وسبل الثمرة" (?) وموضع التعلق منه أن عمر أراد أن يتصدق بالأصل صدقة تبتدأ وهي تمليك رقبته فأشار عليه بأن يحبس أصله ويسبل الثمرة، فدل على أن الأصل يتأبد تحريمه ولو لم يكن كذلك لم يكن الغرض حاصلًا لأنه كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015