ولا أنكر ذلك على عمر أحد، ولأنها بينة مسموعة طلب صاحبها الحكم بها فأشبه إذا كان الخصم حاضرًا، ولأنها دعوى مستحق على غائب قامت بها بينة فوجب أن يحكم بها أصله إذا ادعى على رجل أنه قتل وليه خطأ لا خلاف أنه يحكم له بالدية على العاقلة وإن كانوا غيبًا لأن غيبة المدعى عليه لا تمنع الحكم عليه أصله إذا ادعى على ميت وأقام البينة أو ادعى على جماعة غيب أحدهم حاضر، ولأن عدم الحضور بالموت أبلغ في التعذر منه بالغيبة فإذا قضى مع الموت فمع الغيبة (?) أولى، ولأن ذلك ذريعة إلى إبطال حقوق الناس لأنه لا يشأ أحد أن يأخذ أموال الناس ولا يؤديها إلا غاب فلا يمكن القضاء عليه، ولأن الاتفاق حاصل على أن الحاكم يسمع البينة عليه والفائدة في ذلك الحكم بها وإلا لم ينتفع باستماعها، ولأنهم قد وافقونا على أن امرأة لو ادعت النفقة على زوجها وهو غائب وذكرت أن له وديعة عند رجل فأقربها فإنه يقضى لها بنفقتها ويؤخذ لها منه فكذلك سائر الحقوق.

فصل [16 - في التفريق في الحكم مع الغيبة بين الرباع وغيرها]:

وإنما فرقنا بين الرباع وغيرها من الأموال لأن الرباع مأمونة لا يخاف عليها فاستحسن مالك رحمه الله التوقف عن الحكم فيها مع الغيبة (?)، وأن لا يعجل بذلك إلى أن يقدم الغائب فيذكر حجة إن كانت له ويحكم عليه بما لا يحتاج إلى نقض بعده، وعنه رواية أخرى أنه لا فرق بين الرباع وسائر الأموال في وجوب القضاء على الغائب.

فصل [17 - في كون حكم الحاكم لا يغير الشيء عن باطنه وحقيقته]:

حكم الحاكم لا يغير الشيء عن باطنه عما هو عليه ولا يحيله عن حقيقته، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015